مراجعة كتاب "ست الحسن" – عندما يتحول الجمال إلى لعنة!
في زمنٍ تُقدَّس فيه الجماليات وتُطارد فيه الصور المثالية، تخرج إلينا الكاتبة ميرنا المهدي برواية "ست الحسن"، كتحفة أدبية تحمل بين صفحاتها رسائل خفية عن الوجه الآخر للجمال، والحدود المظلمة لما يمكن أن يفعله البشر حين يتجاوزون الأخلاق باسم الحب، أو حتى الفضول.
عن الرواية:
"ست الحسن" ليست مجرد رواية بوليسية أو نفسية تقليدية، بل هي لعبة مرايا بين الواقع والخيال، بين ما نراه بأعيننا وما تخفيه القلوب. تبدأ القصة بجريمة غامضة، لكن سرعان ما تتوسع لتصبح شبكة من العقد النفسية والاجتماعية، بطلها الجمال — نعم، الجمال الذي يُفترض أن يكون نعمة، لكنه هنا يصبح نقمة، وأحيانًا قاتلًا صامتًا.
ملامح الحكاية:
تأخذنا الكاتبة في رحلة داخل عالم "ست الحسن"، فتاة فائقة الجمال، تسحر كل من يراها، لكنها أيضًا غامضة، صامتة، تخفي وراء ملامحها الناعمة وجعًا لا يُروى. تُطرح تساؤلات منذ الصفحات الأولى: من هي "ست الحسن" فعلًا؟ هل هي ضحية؟ أم متهمة؟ أم مجرد مرآة تعكس أمراض المجتمع الذي يقدّس المظهر ويتجاهل الجوهر؟
الرواية تُروى من عدة زوايا، وهو أسلوب استخدمته ميرنا ببراعة، ليشعر القارئ أنه يملك أجزاءً صغيرة من الحقيقة، لكنه لا يعرف الحقيقة الكاملة إلا في النهاية.
الأسلوب والسرد:
ميرنا المهدي كعادتها، لا تقدم لك الحكاية على طبق من ذهب. بل تُشعرك أحيانًا بالضياع، لتُجبِرك على التركيز، على جمع الأدلة من بين السطور، وكأنك مشارك في التحقيق. اللغة سلسة، مشوقة، والجمل قصيرة لكنها حادة، تُبقيك في حالة ترقّب دائم.
ما يُميز الرواية أنها لا تعتمد فقط على الإثارة والغموض، بل تسلط الضوء على قضايا نفسية عميقة: التحرش، الهوس بالجمال، النرجسية، والأثر النفسي للرفض والإهمال.
رسائل الرواية:
"ست الحسن" ليست فقط رواية عن جريمة، بل عن الجرائم الخفية التي تحدث يوميًا داخل النفوس والبيوت. تُخبرك أن الجمال قد يُفتح لك الأبواب، لكنه أيضًا قد يُغلقها في وجهك حين يتحول إلى لعنة. وأننا كأفراد، ومجتمع، كثيرًا ما نحاكم الآخرين بناءً على المظهر، لا الحقيقة.
الخلاصة:
"ست الحسن" رواية تجعلك تتساءل: كم مرة خدعتنا العيون؟ وكم مرة أحببنا وجهًا دون أن نعرف من يسكن خلفه؟ بأسلوب مشوق، ورسائل نفسية مؤثرة، نجحت ميرنا المهدي في تقديم عمل يستحق القراءة والتأمل.
إن كنت من محبي الروايات النفسية العميقة ذات الطابع البوليسي والغموض، فـ"ست الحسن" ستكون رحلة لا تُنسى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق